عندما تندثر القيم الحميدة التي قام على أساسها مجتمع يخشى أن تزل قدمه في منحدرات وعرة قد تودي بحياة سالكيها إلى هاوية سحيقة من التيه والظلمات .
عندما يشار بالبنان إلى المخطئ والمجرم ولا تهتز له شعرة ولا تنكسر له عين ، بل تراه مشرئب العنق بهي الطلعة فخور بما ارتكبه من آثام وشرور .
عندما يتوارى المجنى عليه بينما يرتع الجاني ويلعب دون وجود رقيب أو حسيب .
واقعة غريبة وشاذة تناقلتها وسائل التواصل الإجتماعي وهى تحرش عشرات الشباب بفتاة كانت تسير بالشارع بمدينة الزقازيق من المسئول عن هذه الواقعة ؟؟ وكيف يمكن التصدي لهذه الظاهرة التى باتت تمثل صداعا مزمنا بل وسخيفا في رأس المجتمع المصري ؟
إذا قلنا بأن الفتاة تتحمل جزءا ليس بالقليل من مسئولية هذا الفعل المشين ، فارتداء الملابس المثيرة قد تكون أحد أهم أسباب التحرش ، ولكن ماذا عن البنات المحجبات والمنتقبات اللاتى يتم التحرش بهن ؟
إذا ... لا يمكن الجزم بأن الفتاة وحدها هي المسئولة عن التحرش ، فمن يتحرش بالمحجبة والمنتقبة قد عقد العزم على أن يتحرش بأول تاء تأنيث تقابله في طريقه دون التقيد بسن أو بأسلوب ارتداء ملابس معينة .
وهنا لابد من تدخل حسم وفورى للقضاء على هذه الظاهرة المشينة ، فيجب العمل على تدشين حملة واسعة المدى تشمل ورش عمل ودورات تدريبية وتثقيفية وتعليمية تعقد في المدارس والكليات لتنوير النشء الصغير والتحدث عن هذه الظاهرة وكيفية تجنبها من الألف إلى الياء .
وإذا كانت المحاكم المصرية قد أصدرت في عام 2008 أول حكم قضائي يجرم التحرش الجنسي، حيث قضت محكمة بالسجن لمدة ثلاث سنوات بحق مواطن لإدانته بجريمة التحرش ضد مخرجة للأفلام الوثائقية "نهى رشدى" وهى التى ذكرت فى أحاديثها الصحفية آنذاك أنها كانت مستعدة للموت ولا يفلت من تحرش بها من العقاب ، فإن الملاحظ أن هناك قصور في توجيه عقاب قاس وعنيف تجاه المتحرش إما لخوف المجنى عليها من الفضيحة أو لأسباب أخرى بالرغم ما تعرض له القانون المصري في المادتين 268 ، 269 في قانون العقوبات في مسالة هتك العرض ( ملامسة العورة ) و عقوبتها السجن المشدد ( 3 – 7 سنوات ) و يتم التشديد في حالة إذا كانت المجني عليها أو عليه أقل من 18 سنة ، أو إذا كان الجاني من أصول المجني عليها أو أحد القائمين على رعايتها و تربيتها، وهنا قد ترتفع العقوبة إلى 15 سنة و قد تصل إلى المؤبد.
ليتكاتف المجتمع من أجل توعية شباب وبنات مصر بهذه الظاهرة الدخيلة على قيم ومبادئ المجتمع المصري ، حتى نصل إلى يوم قد تلاشت فيه هذه الظاهرة تماما ولتعود مصر كما كانت لا تعرف مثل هذه الأفعال المشينة طريقا لها .
د.غادة محفوظ
باحثة فى شئون المراة