main-top

هيا إيه اصل الحكايه؟ من هم المصريين..؟ بقلم : المستشار الإعلامي علاء البسيونى

06 نيسان/أبريل 2018
كتب 

 

فعلا سؤال حير كثير من مؤرخين التاريخ عبر العصور القديمة والحديثة ماهى اصل تكوينة المصريين من اين نشأوا ومن اى أجناس تجمعوا وماهية سبب ترابطهم وصمودهم رغم الإستعماريات التى تعاقبت عليهم ورغم المحن والصعاب التى واجهوها ماهو الأصل العرقى لذلك الشعب الذى يطحن برحايته العتيفة أعتى أعتى المستعمرين عبر العصور القديمة بل والحديثة دون كلل أو إهمال فكل من اعتدى وتجاوز حدوده ذهب إلى مذبلة التاريخ وبقى ذلك الشعب العظيم الأمر الذي جعلنى ابحث وأتجول واغوص فى أروقة التاريخ لأصل إلى إجابة لهذا السؤال الذى حير العلماء والباحثين عبر العصور وهو الذى يؤرقنى دائما " هيا ايه اصل الحكاية ...؟ تعالوا معى اعزائي الكرام نستعرض الأمر من أوله وهو كالاتى , ماهو الأصل العرقى للشعب المصري عبر العصور القديمة ؟!!!!!!

الكثير عبر العصور كان يسال عن الأصل العرقى لشعب مصر،هل هم أفارقة ؟ على هم عرب؟ لقد تحير الكثير بحكم أن مصر دوله عربية يغلب عليها العرق العربى بدليل اللغة العربية التى يتكلمونها فهى اللغة الرسمية ،وذلك عكس مايقوله الذين يتحيزون للقومية المصرية الذين يؤكدون أن المصريين ليسوا عرب لا الحين ولا زمان فى العصور القديمه ،رغم النزوح من اليمن وشمال الجزيره العربيه لمصر فى فترة عهد الدولة الإسلامية والاموية وما بعدها فإن الاقباط يؤكدون ان مصر قبطية الأصل ودليلهم ترابط اللغة القبطية باللغة الهييروغلفية المصرية القديمة وهذا الذى سيعيدنا الى سؤالنا " ايه هو الأصل العرقى للمصريين؟ وهذا ماىسنبحث عن اجابه له الان بشئ من التفصيل والتعمق والغوص فى التاريخ فركزوا معى قليلا.....

ففى عهود ماقبل التاريخ كانت قد حدثت هجرات عديدة من أماكن كتيرة بالعالم بحثا عن المرعى و الصيد، مثل الهجرات اللي حدثت من الهند لأوروبا ونتجت عنها شعوب كتير في اسيا واروربا، ومثل الهجرات اللي حدثت من وسط وشمال افريقيا بعد تصحر الأراضي وتكون الصحراء الكبرى، لوادي النيل وساحل افريقيا الشمالي ونتج عنها شعوب اقليمية وقبائل تعيس في تلك المناطق هذه الى وقتنا الحاضر .

وفي وادي النيل ونظرا لوجود المرعى والماء واعتدال الجو، هذا شجع الكثير على الأستقرار وعدم استكمال الهجرات لمكان آخر ، فتكونت ثلاثة شعوب تقاربت من بعضها البعض في خصائص كثيرة جدا وهم : المصريين، والكوشيين (السودانيين)، وشعوب البجّا (شعوب اعالي النيل والذبن يسميهم علماء الأنساب بالسلالات الحامية نسبة لحام بن نوح عليهم السلام).

وكانت صحراء جنوب اسوان وشلالات النيل الأول والثاني والثالث حواجز طبيعية ترسخت عبر السنين بين شمال وجنوب الوادي، كذالك صحراء وجبال الجهة الشرقية، وصحراء ووادي الرمال بالجهة الغربية شجع على زيادة تركيز السكان في ضفاف نهر النيل.

كمان حدثت هجرات في عصور لاحقة من شعوب البحر (سكان الجزر في البحر المتوسط وجنوب اسيا الصغرى و اليونان) الى منطقة شرق المتوسط (ساحل الشام) وشمال مصر، سكنوا سواحل وأواسط الدلتا وانصهروا مع سكان الوادي اللي هاجروا من الصعيد نحو الشمال عبر مئات بل ألاف السنين!..

وحين قيام التاريخ المصري فى 3500 ق.م. لوجدنا شعبين سكنوا الوادى شعب في الشمال (الدلتا) ويعتبر خليط من الشعوب الحامية وسكان البحر المتوسط، وشعب فى الجنوب (مصر العليا) وكان أغلبه من سلالات حامية مثل ما ماقلنا سلفا ، تم توحيدهم عبر حروب طويلة وقيام المملكة المصرية الموحدة ذات التاج الأحمر والأبيض المعروفة في التاريخ المصري القديم.

وفى خلال العصور اللاحقة لعصر توحيد مصر في عهد الملك مينا (نارمر) تقريبا 3200 ق.م. كانت لا تزال الهجرات مستمرة لكنها كونت شعوب اصبح من السهل تمييزها عن المصريين اصحاب البلد الأصليين، كما هو موثق على جدران مقبرة سيتي الأول (الدولة الحديثة) حيث كان هناك تمييز بين الشعب المصري والكوشي (نوبي أو سوداني) والأشوري (سكان الشام وشمال العراق) والليبي (سكان ساحل افريقيا الشمالي برقة وطرابلس) بل والأوربيين سكان اسيا الصغرى والجزر اليونانية وجنوب اليونان.

وكانت الطبقة الحاكمة في مصر غالبا ماتكون من حكام مصريين أبا عن جد، الا لو كان هناك احتلال زي الهكسوس لمدة 150 عام فكانت الطبقة الحاكمة من الأجانب، وكماحدث في نهاية عصر الدولة الحديثة وبداية عصر الأضمحلال، فقد تقلد العرش بعض الأسرات من أصل ليبي زي الملك شيشنق وابسماتيك، ولكن وإن كانوا أصلهم مش مصري ألا انهم ارتدوا الزي المصري وظهروا امام الشعب بالصورة المصرية التقليدية المعروفة بسبب الشرعية في الحكم والمطالبة بالعرش!..

ونصل الى حقبة اخرى فى تشكيل المجتمع المصرى ففى العصر البطلمي حدث نزوح كبير لسكان جنوب اليونان لأستيطان المملكة الجديدة في شمال مصر في ظل القيادة البطلمية اليونانية العرق والثقافة، وهذا بالفعل شجع شعوب أخرى للهجرة لمصر وسكنت مدينة الأسكندرية اللي اسسها الأسكندر الأكبر في 332 ق.م. وتم توسيعها اكثر من مرة في خلال العصر البطلمي,،كما سكن اليونانيين مناطق عديدة في شمال الدلتا، في حين ظل الصعيد (مصر العليا) بعيد عن تأثير الثقافة البطلمية من حيث اللغة والعادات والأداب والملابس والديانة، وظل محتفظ بصورته المصرية القديمة حتى عصر دخول المسيحية في مطلع القرن الأول الميلادي.

وعلى الرغم من وقوع مصر في براثن الأحتلال الروماني لأكثر من 600 عامأ ألا ان مصر كانت بالنسبة للرومان مجرد عبيد وأرضهم غنيمة، ولم تكن يوما ضمن الأراضي الرومانية التى يتجنس اهلها بالجنسية الرومانية مثل أسيا الصغرى وبعض مناطق شمال سوريا، وهذا ساعد المصريين أكثر على الأحتفاظ بثقافتهم وهويتهم المصرية والخروج بها سليمة بعد فترة طويلة من الأحتلال، أيضاً كان المصري يصعب عليه الزواج من الأجنبية نظرا للتقاليد اللي مازالت موجودة حتى اليوم ممايعني ان الفلاح المصري القديم كان لا يتزوج الا مصرية حتى تنجب له اولاد مصريين يرثوا الأرض و يعمروا البيت، كمان كان صعب على المصري انه يترك ارضه التى تعب فيها وشقى فذلك ماترسخ فى عقله وعقيدته من الاف السنين ويهاجر لمناطق اخرى وذلك هو الذى حافظ على الهوية المصرية لفترات طويلة جدا من التاريخ بالمقارنة بشعوب اخرى.

وبعد دخول العرب لمصر نشطت حركة الهجرة من شمال شبة الجزيرة العربية (تبوك) وبعض مناطق في اليمن (عك وغافق) واستوطنوا منطقة الفسطاط ومنها نزحوا في مراحل لاحقة لشمال ووسط وجنوب الصعيد ،وهذا ما ساهم في تغيير التركيبة السكانية للمصريين بدخول العرق العربي وامتزاجه بالعرق المصري القديم اللي احتفظ بنقاؤه تقريبا لألاف السنين!..

وهذا بدأ بصورة ملحوظة مع بدايات العصر الفاطمي مثلما ذكرنا سابقا ومع استقلال مصر عن دولة الخلافة في بغداد في عصر الطولونيين والأخشيديين ومابعدهم، نزح لمصر كثير من عائلات تركية وفارسية ومغربية وسودانية، لأسباب عديدة سياسية او للتجارة، وحافظت على هويتها بعض الشيء في مقابل الهوية المصرية لأنهم كونوا طبقة اشبه بالنبلاء، ولكنهم تغيروا شيئا فشيئا حتى انصهروا في البوتقة المصرية ودخلوا في التركيبة السكانية المصرية بنهايات العصر المملوكي وبدايات العصر العثماني.

وقد سجل كتاب (المجتمع والأقتصاد في مصر وشرق المتوسط 1600: 1900) تأليف الكاتب الفرنسى " أندريه ريموند" ، نزوح أكثر من 52 أسرة من بلاد المغرب العربي للأستيطان في مصر ، ولا تزال اسماء عائلاتها موجودة حتى اليوم ولكنها طبعا ولبعد المسافة الزمنية تخلت عن اصلها المغربي ودخلت ضمن التركيبة السكانية للشعب المصري.من اهمها قبائل اولاد علي الأحمر التى استوطنت ساحل مصر الشمالي ومطروح وحتى السلوم، ومازالت إلى اليوم بتحتفظ بهويتها العربية البدوية ولهجتها في الحديث ومن الطريف والجدير بالذكر أن المصريين تقبلوا كل من نزح عليهم بسلام وبعد فترة وجيزة بدأوا في الأختلاط بهم والزواج معهم مما ساهم في انصهارهم داخل المجتمع المصري الكبير.

وناتى إلى العصر الذهبى ففي عصر محمد علي باشا وما بعده شهدت مصر نزوح الكثير من عائلات واسر يونانية وايطالية ونمساوية ومجرية وغيرها، هربت من الفقر و الحروب في بلادها وجاءت للتجارة والتربح في بلاد ناشئة (مثل ماكانوا ينظرون إليها منذ القدم ) بالذات فى تجارة الأثار التى نشطت جدا في اوروبا في ذلك الوقت ، ومع طول الفترة الزمنية ومع الوقت والتعاشر والتعامل دخل الأجانب ضمن التركيبة السكانية للشعب المصري اواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين وان كانوا حافظوا لحد كبير على هويتهم ولغاتهم وعاشوا في جاليات منغلقة عن المصريين حتى بعد قيام ثورة 1952 ونظرا لخوفهم من النظام المصري في ذلك الوقت فقد قرر جزء كبير منهم العودة لبلاده الأصلية والذى فضل البقاء منهم عاش في هدوء وبمرور الوقت اندمج أيضا مرة أخرى في المجتمع المصري

خلاصة الكلام ومثل ماذكره الدكتور زاهي حواس عالم الآثار المعروف في مقال له بعنوان (توت عنخ امون لم يكن اسود): ” ان المصريين ليسوا عربا ولا أفارقة رغم وقوع مصر ضمن القارة الأفريقية..” وطبعا كان يقصد ان موقع مصر الجغرافي سمح لها بالأحتفاظ بهويتها لسنين طويلة رغم كثرة النزوح، فدوما كانت شخصيتها تطغى على شخصية المستعمر او النازح؛ وليس العكس.وحتى اليوم تعيش بعض اقليات أمازيغية في واحة سيوة، ومن (البجا) في مثلث حلايب بحدود مصر الجنوبية ولكنها لم تتأثر ولم ثؤثر في الشخصية المصرية التأثير القوي.

فعلى الرغم من انتشار اللغة العربية في مصر فلم تتغير عادات السكان المصريين كعادات العرب القادمين من شبه الجزيرة وظلت عاداتهم كعادات وموروثات شعب مصر منذ الاف السنين وعلى الرغم من استعمار العثمانيين لمصر لفترة تفوق 350 عام فلم تنتشر لغاتهم ولا عاداتهم في مصر وان كانت دخلت بعض كلمات في العامية المصرية وقديما احتل الرومان مصر لأكثر من 650 عاما ولم يتكلم المصريين اللاتينية، واحتل الأنجليز مصر لأكثر من 70 عاما ومازال العوام يتكلمون العامية المصرية ودرجاتهم ضعيفة في اللغات الأجنبية بالمدارس!!..

فمصركانت ومازالت بوتقة ينصهر كل من يقع فيها ليدخل ضمن خليط عجيب من الصعب تمييز اصله وان كان متفردا عبر العصور فمصر ماهى الا رحى تطحن كل ما يدخل عليها من ثقافات وتمزجها داخل ثقافاتها العريقة دون المساس بالعادات والتقاليد المصرية المتوارثة عبر العصور . وفى الأخير فأن الهوية المصرية صعبه فى تركيباتها محيرة فى وصفها فبرغم الثقافات التى عاصرتها الا انها احتفظت بما توارثوه من الأجداد بل زاد تمسكهم بها عبر الأزمان السابقة وهذا يظهر جليا إلى اليوم فى الجنوب فالشعب المصري عريق الهوية منذ القدم متماسك ومترابط إلى أن تقوم الساعة أنه دائما يقود ولايقاد ولقد قال عنهم الرسول الكريم " أنهم فى رباط إلى يوم الدين" عاشت مصر شامخة فوق الأعناق وعاش جيشها وشرطتها وشعبها الابى .

عاشق تراب مصر
بدون القاب
علاء البسيونى

1133 K2_VIEWS
نادية حسن
main-bottom

 

 

نحن موقع اخباري يعمل على مدار 24 ساعة، سياستنا التحريرية غير منحازة لأي فصيل سياسي ونسعى لنقل الواقع المصري إلى أبناء مصر والعالم العربي والإفريقي والعالمي..