عضو مجلس النواب هو ممثل الأمة أو وكيل عن الشعب بأكمله فى تحقيق المصلحة العامة، من خلال دوره التشريعي، وكذلك دوره الرقابى الهام، وأيضا دوره المالى، من خلال المصادقة على الحسابات الختامية وإقرار مشروع الموازنة العامة...
والغرض النهائى من هذه الصلاحيات التشريعية والرقابية والمالية، والمهام السياسية والدبلوماسية للنواب هو تمكينهم من المشاركة فى حفظ الاستقرار اللازم لصنع مسيرة التنمية الشاملة ودفع التقدم الاقتصادى والاجتماعى والسياسى وتحسين مستوى معيشة الشعب وصيانة الحريات العامة.
وفى ظل تنامى وعى المواطنين والإصرار على محاسبة الحكومة ومساءلة الموظفين العموميين، يكتسب البرلمان أهمية قصوى للقيام بهذا الدور.
من هنا يتوجه الاهتمام الى صلاحيات البرلمان فى الرقابة على الحكومة، سواء من خلال قبول أو رفض تعيين السلطة التنفيذية أو بعض المسئولين كما فى النظم الغربية، أو عن طريق حقه فى مناقشة الأمور المتعلقة بالميزانية. ولأن الميزانية هى المؤشر الرئيسى على توجهات الدولة وأولوياتها فإنه من المتوقع أن يشتد الصراع بين البرلمان والسلطة التنفيذية بصددها.
وقد أناط المشرع لعضو البرلمان ممارسة الرقابة المالية على موازنة الدولة بكافة وسائل الرقابة (12 وسيلة) وذلك من خلال:
1- إقرار الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة.
2- أن تشمل الموازنة العامة للدولة كافة إيراداتها ومصروفاتها دون استثناء. ويُعرض مشروعها على مجلس النواب قبل تسعين يوما على الأقل من بدء السنة المالية، ولا تكون نافذة إلا بموافقته عليها؛ ويتم التصويت عليه بابًا بابًا.
3- كما اجاز المشرع للبرلمان أن يعدل النفقات الواردة فى مشروع الموازنة، عدا التى ترد تنفيذا لالتزام محدد على الدولة.
وإذا ترتب على التعديل زيادة فى إجمالى النفقات، وجب أن يتفق البرلمان مع الحكومة على تدبير مصادر للإيرادات تحقق إعادة التوازن بينهما؛ وتصدر الموازنة بقانون يجوز أن يتضمن تعديلا فى قانون قائم بالقدر اللازم لتحقيق هذا التوازن.
4- وتجب موافقة مجلس النواب على نقل أى مبلغ من باب إلى آخر من أبواب الموازنة العامة، وعلى كل مصروف غير وارد بها، أو زائد على تقديراتها، وتصدر الموافقة بقانون.
بل إن المشرع رهن فض دور الانعقاد للبرلمان، بعد موافقة كل مجلس، ولا يجوز ذلك لمجلس النواب قبل اعتماده الموازنة العامة للدولة.
ولعل السؤال الرئيسى فى هذا الصدد هو،،،
هل يمكن أن يقوم البرلمان بجمع المعلومات حتى يتسنى له الرقابة بفعالية ؟
إن الخطوة الأولى فى عملية الرقابة الفعالة هى جمع المعلومات للنواب من أجل مراقبة أعمال الحكومة بكفاءة.
فهل للبرلمان القدرة على معاقبة من لا يتعاونون معه فى عملية الرقابة أو من يرفضون تنفيذ مطالبه ورغباته؟، بمعنى آخر هل من حق البرلمان معاقبة الوزراء والموظفين الذين لا يتعاونون معه ولا يقدمون ما يحتاجه البرلمان من معلومات؟ بل أكثر من هذا هل يحق للبرلمان طرح الثقة بالحكومة أو استجوابها إذا لم تتعاون معه؟ إن توافر آليات العقاب حتى وإن لم يتم استخدامها تساعد البرلمان فى القيام بأدواره السابقة.
كذلك، ما هى اختصاصات البرلمان المتعلقة بالميزانية؟، وهل يستطيع البرلمان أن يعدل فى مخصصات الموازنة المقترحة من الحكومة؟ فعليا وليس نظريا؟؟، والى أى مدى يشارك فى وضعها وضبط عملية تحديد الضرائب؟، وهل يمكن له أن يزيد أو يقلل أو يحول بعض المخصصات من جهة الى أخرى؟، وما هى المبالغ التى تستطيع الحكومة إنفاقها دون الرجوع الى البرلمان؟، وهل يستطيع البرلمان أن يصل لمصادر المعلومات المالية للحكومة؟
إن البرلمان الذى لا يستطيع التأثير على توزيع الميزانية يصعب عليه التأثير على سياسات الحكومة فى مجالاتها المختلفة.
لكن،،، ماهى الصعوبات التى تحد من فعالية المراقبة؟
أعتقد أن من الصعوبات:
أولا: عدم توافر البيانات فى موازنات وغياب الشفافية حولها، فلا يكفى أن نوفى بآلاف الصفحات حول المعطيات لكى نقول أن الميزانية شفافة فكثرة المعطيات قد تخفى أهم المعطيات هذه من الإشكاليات التى تحد من فعالية هذه المراقبة.
ثانيا: هى عدم توافر القدرات لدى البرلمانات ومنظمات المجتمع المدنى بصفة عامة لتحصيل البيانات الموازنة فلا يكفى التواصل يجب أن تكون هناك القدرة على دراسة القدرة على استنتاج ما يجب استنتاجه فى ظرفى زمنى وجيز.
النقطة الأخيرة ما هى القيود التى يمكن أن تكون مفروضة على المجتمع المدنى أو حرية التعبير؟ أعتقد أن المجتمع المدنى بصفة عامة والاعلام يجب أن يلعبا دورا أساسيا فى أثناء فترة دراسة الموازنات فى مصر يمكن أن نقول أن حرية التعبير ليست إشكالا فى هذه النقطة، مساهمة منظمات المجتمع المدنى فى دراسة الموازنات ومراقبتها أعتقد أنه يمكن تحسينها بطريقة هامة.
التوصيات:
التوصية الأولى: ننطلق من كون الدستور هو الذى يحدد قدرة البرلمانات على المراقبة وعلى المساهمة فى إعداد الميزانيات من خلال نصوص تساعد وإرادة سياسية تترجم فى هذه النصوص بالفعل.
التوصية الثانية: لتفادى مشكلة ضيق الوقت أثناء دراسة الميزانية والتى نعانى منه جميعا ومطالبة الحكومات بالتشاور والحوار فى مرحلة إعداد الموازنة هو شيء أساسي لا يجب فى نظرنا أن ننتظر فترة دراسة الموازنة للاطلاع على جميع المعطيات فى مدة وجيزة وبكميات هائلة.
كذلك تفعيل أجهزة الرقابة فهذه الأجهزة لا تفعل بالشكل الذى يسمح برقابة فعلية وكونها خاضعة للسلطة التنفيذية، فهناك ربما خلل يجب التفكير فيه بطرق أخرى لتفعيل هذه الأجهزة أجهزة الرقابة.
كذلك الحصول على المعلومات أو المعطيات شيء أساسي للقيام بالمراقبة الفعالة نلاحظ أن العديد من الإدارات ترفض تسليم معطيات أو أرقام للأفراد بصفة عامة أو حتى لبعض اللجان البرلمانية، اذا فلابد من توافر قانون يسمح بالوصول إلى المعلومات.
هناك كذلك مطالبة الحكومة بتوفير المعطيات ليس فقط على شكل وثائق ورقية، فيجب أن تكون هناك قوانين تلزم الحكومات بتوفير هذه المعطيات الكترونيا لتسهيل التعامل معها ومراقبتها ودراستها.
إشراك منظمات المجتمع المدنى، وإشراك الجمعيات المهنية التى لها دراية بالمواضيع التى تناقش داخل وأثناء مناقشة الموازنة فى نظرنا شيء اساسى لأن الخبرة الذى تنقص البرلمان يمكن أن يحدث عليها من مؤسسات المجتمع المدنى والمؤسسات المهنية.
وأخيرا رفع قدرات النواب سواء نواب فى الامور الاقتصادية والمالية والسياسية خصوصا الاقتصادية والمالية من خلال علاقات من مؤسسات الدراسات والبحث ومنظمات الدولية المعنية بهذه المواضيع شيء كذلك أساسى فى إطار تطوير المراقبة.
فى الختام بخلاصة يمكن القول إن:
نظريا دور البرلمان دور هام فى المراقبة وإعداد الموازنات ولكن عمليا عدم توافر الامكانيات المادية والبشرية، هناك لجان مالية هى المكلفة بدراسة الميزانية ولكن ليست لها طاقم تقنى من الخبراء يساعدها على دراسة الميزانيات فرأينا يجب توفير طاقم مساعد لعضو البرلمان من التقنيين والمتخصصين، فهل من الصحيح ان العضو يعتمد على الحزب التابع له، والأحزاب تعتمد على الخبراء الذين ينتمون لتلك الأحزاب والذين يعملون بطريقة تطوعية فى إطار عملهم السياسى ليساعدوا فرقهم البرلمانية فى دراسة الموازنات.