الفقر من أهم المشكلات التي تواجه الإنسان، وعندما تسمع كلمة فقر يتصور العقل صورة إنسان لا يجد حاجاته الأساسية للحياة فيمد يده للناس، مع أن الإنسان قد يكون من الأغنياء وهو في منزلة الفقر، وقد يكون من الفقراء وهو في منزلة الغنى.

وللفقر أسباب، منها الفقر بسبب عاهة وصاحبه معذور، وفقر بسبب كثرة الإنفاق، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: "يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك؟ قال: أبقيت الله ورسوله"، فالمؤمنون الصادقون قد يفتقرون لكثرة ما ينفقون.

ويوجد فقر بسبب الكسل، وهو فقر الإهمال وعدم إتقان صنعة، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوْا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُوْله وَالمُؤْمِنُوْنَ..} التوبة 105، فالعمل أمرنا به الله تعالى، وأكد على قيمته النبي عليه الصلاة والسلام حين أمسك يد عبد الله بن مسعود وكانت خشنة من العمل، فقال: "إن هذه اليد يحبها الله ورسوله".

والنبي عليه الصلاة والسلام سأل شخص منقطع للعبادة في المسجد: "من يطعمك؟ قال: أخي يطعمني، قال: أخوك أعبد منك"، فالعمل الحلال الذي يبتغي به الإنسان وجه الله ليكفي به نفسه وأهله وينفع مجتمعه، يعود عليه هذا العمل بالثواب كالعبادة.

فالفقر خطر على العقيدة والفقر خطر على الأخلاق فقد يتسبب في الانحراف، ومن دعائه عليه الصلاة والسلام: "اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم، فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف"، والمغرم هى الديون.

والإسلام يرفض فكرة أن الله أجبر البعض على الفقر: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} يس 47، فالفقر ليس جبر إلهي، وكل شيء يتغير، والإنسان يحتاج أن يتحرك ويسأل ويبحث ويفكر في عمل، أن يسعى وعلى الله التوفيق.

والنبي عليه الصلاة والسلام قضى بين رجلين: "فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي الله ونعم الوكيل، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله ونعم الوكيل".

متى تقول حسبي الله ونعم الوكيل؟، حينما يتم قهرك، ولكن ما مادام المجال مفتوحاً للعمل والسعي فالكلام عن القهر غير مقبول.

ويبقى أننا إذا بقينا متخاذلين ومتكاسلين فلن تقوم لنا قائمة، والشيء الذي نحاسب عليه هو فقر الكسل وهو دليل ضعف الإيمان وعدم الإتقان، فأعداؤنا سبقونا وتحكموا فينا، وإن أردنا أن نكون أحراراً من تحكمهم فينا فيجب علينا أن نعمل وأن نتقن عملنا.